تنفق دول بلايين الدولارات على برامج البحث عن الماء على سطح المريخ، في
حين تعاني مناطق شاسعة على كوكبنا نقصاً حاداً في الموارد المائية، كما أن
أقاليم بأكملها مرشحة لمواجه هذه المشكلة قريباً، بينما أشارت توقعات
"اليونسكو" التي نشرتها صحيفة الحياة إلى أن نحو نصف سكان العالم سيواجهون
نقصاً في مياه الشرب بحلول عام 2030.
وفي ظل معدلات النمو السكاني وزيادة استهلاك المنتجات والخدمات، والتغير
المناخي وتلوث البيئة، فلا غرابة في تزايد الطلب على المياه. كما أن نمو
الاقتصاد العالمي يتحكم بنمو الطلب على الموارد المائية، وهذه ترتبط
بالمواد الغذائية والمنتجات الأولية وبالطاقة.
وأكد المنتدى الاقتصادي الدولي أن
تدهور الوضع في مجال الموارد المائية في السنوات الـ15 إلى 20 المقبلة قد
يؤدي إلى أزمة غذاء عالمية طاحنة.
ومعلوم أن أكثر المناطق التي تعاني نقصاً في المياه هي أفريقيا والشرق
الأوسط، إذ أن القارة السوداء تضم 12 في المئة من سكان العالم، في مقابل 1
في المئة من مجموع المياه القابلة للشرب.
وإذا كانت مسألة أمن الطاقة إحدى أبرز المشاكل العالمية حالياً، فإن الأمن
المائي مرشح لتصدر لائحة المشكلات قريباً، خصوصاً في ظل ظروف التغير
المناخي، إذ يحذر خبراء من احتمال نشوب نزاعات عالمية في نحو 200 منطقة
بسبب المياه.
وأشار الجيولوجي الروسي المختص في المياه الجوفية إيغور دافيدينكو الى أن
الحروب على المياه بدأت بالفعل، فجمهوريات آسيا الوسطى تشهد الآن حرباً
هادئة بسبب الماء، والمناطق المرتفعة في هذا الإقليم تحتكر عملياً موارد
المياه، وفي الماضي تم التعامل مع هذا الأمر في إطار دولة واحدة هي الاتحاد
السوفياتي، مذكراً بالصراعات بين تركيا والعراق حول مياه نهري دجلة
والفرات.
وأكد رئيس لجنة اتحاد الموارد الطبيعية والبيئة فيكتور أورلوف أن على المدى
الطويل يمكن الأخذ في الاعتبار موضوع استيراد مياه الشرب، نظراً إلى حاجات
روسيا ودول أخرى، وذلك عبر ممرات مائية، فضلاً عن إنشاء بورصة للمياه.
وأضاف أن تجارة المياه في روسيا ستظهر ولكن ليس قبل 20 أو 30 سنة وربما
أكثر، لأن العالم يشهد تطوراً في أساليب وتقنيات تتعلق بتنقية المياه
وتحلية مياه البحار والمحيطات، كما يمكن إنشاء قنوات نقل مياه الشرب،
وإيصالها بالصهاريج إلى أنحاء العالم، ولدينا في كامتشاتكا الآن مورد من
أنظف وأفضل موارد المياه، يمكن نقلها بالصهاريج حالاً، وهو قادر على تغطية
حاجة نصف الصين وأكثر.
ويُتوقع أن تنتقل الاستثمارات في السنوات المقبلة من قطاع الطاقة إلى قطاع
المياه، إذ بدأت مناقشة ذلك على المستوى العالمي، وبينما تضخ روسيا الآن
النفط والغاز، فإنها ستضخ خلال 20 أو 30 سنة المياه العذبة. ولفت محللون
إلى أن المياه لن تكون وحدها على المدى القريب مورداً ذات أهمية كبيرة، بل
أيضاً السلع التي يستلزم إنتاجها كميات كبيرة من المياه، ومنها المنسوجات
والألياف الصناعية، إضافة إلى قطاع الطاقة.